التقى كريس ستون مع الكاتب محمد صلاح العزب في القاهرة يوم ٣٠ مايو، ٢٠١١. لم نترجم المقابلة إلى العربية الفصحى بل حاولنا أن نحتفظ بلغة الحوار الطبيعية قدر الإمكان. ذكر كريس لمحمد أن الفكرة كانت نشر مقابلة معه وأخرى مع كاتب مخضرم مثل صنع الله ابراهيم . سأله محمد إذا كان قد ذكر اسمه للأستاذ صنع الله، فيبدو أنهما اختلفا في ندوة أدبية مؤخراً.
كريس: ماذا كان موضوع الندوة؟
محمد: كان عن كتاب يتناول الثورة.
ك: أنا ملاحظ أنو أصلاً في كتب.
م: بس خلي بالك الكتب اللي كلها عن الثورة ديت كلها حاجات استهلاكية بس يمكن ما فيش حد طلع كتاب خالص غير أحمد زغلول الشيطي اللي طلع كتاب اسمه "مائة خطوة من الثورة : يوميات من ميدان التحرير، دار ميريت." لانو ساكن في شارع قصر النيل، فهو كان بينزل ميدان التحرير ويطلع يكتب. هو مش كاتب حاجة فيها إبداع بس كاتب مشاهدة يعني كأنو كاميرا. الأستاذ صنع الله كان شايف أن الكتاب كان ينبغي أن يحوي معلومات شخصية عن كاتبو وانو يكون أدبي أكتر منو رصد للثورة وأنا كنت شايف ان الكتاب أفضل بما هو عليه.
ك: وأيه أخبار روايتك الجديدة "سيدي براني"؟
م: آه، الطبعة الأولى خلصت في شهرين وبعد كدا الطبعة الثانية صدرت في أول الثورة. فطبعا ما حدش فاضي يشتري كتب.
ك: ابتديت تكتب ازي؟
م: بدأت أكتب وأنا في آخر المرحلة الإعدادية. كتبت حاجات في الابتدائية... الخواطر، حاجات بالشكل دا.
ك: تتذكر بدأت ليه مثلا؟
م: ابتديت أكتب لأني كنت بأحب القراءة. أنا كنت طول الوقت أحب القراءة، أحب أجيب كتب أي كتاب يوقع في أيدي بأحاول أقرأه وكدا.
ك: بس بين زملاءك دي كانت أكيد عادة غريبة وخصوصا يمكن في السن ده
م: لا، القراءة دي كنت بأعملها لوحدي. ما كنتش بأقول لحد.
ك: فالكتابة نتيجة القراءة.
م: فكرة المتعة اللي كانت بتتحقق لي من القراءة كنت بأحس أني عاوز أحقق المتعة دي لشخص تاني فعن طريق أن أنا أكتب.
ك: فمن كان قارئك الأول؟
م: أنا كنت في الأول خالص لما بأكتب أخاف أوري الكتابة لحد. كان في زميلي في المدرسة عندو أبو بيكتب. هو مش معروف ولا حاجة ما عندوش كتب. بس هو الفكرة أني أعرف أن الراجل ده بيكتب فأنا كنت دايما أبعت لو القصص بتاعتي وهو يكتب لي تعليقات مثلا من كلمة واحدة: "جيد" رديء" "ممتاز" "سيء جدا". حاجات بالشكل ده.
ك: والدائرة توسعت ازي؟
م: أنا فضلت أكتب بالشكل دوت لحد ما دخلت الجامعة. فأول سنة في الجامعة كان في مسابقة للمجلس الأعلى للثقافة للقصة القصيرة اسمها "مسابقة يوسف إدريس." فأنا جبت كل القصص اللي أنا كاتبها كلها ورحت مصورها وحطيتها مثلا في ٢٠ ظرف وبعت لهم كلهم.
ك: بنفس الاسم؟
م: بنفس الاسم أه. اسمي أه. ففوجئت ان انا في المسابقة دي فزت مركزين. أه ولله. فدي كان أول احتكاك لي بأي حاجة بالشكل ده. بعد كدا بدأت بقى أروح معرض الكتاب، أروح ندوات في نقابة الصحافيين. بدأت أقرأ القصص اللي أنا بأكتبها على الناس اللي بتمارس الكتابة فتأخذ ردود أفعال سوا ايجابية أو سلبية او حاجات بالشكل ده وبعدها بدأت أمشي في سكة النشر ويبقى عندي كتب مطبوعة وكدا.
ك: مش غريب انو أول كتاب نشر في الكويت أو دي حاجة عادية في مصر؟
م: أول كتاب اتنشر في مصر هو المجموعة القصصية ["لونه أزرق بطريقة محزنة"] ٢٠٠٣. هو كان خلص في ٢٠٠٠ وأنا فضلت ٣ سنين بأعاني من صعوبة في النشر مش لاقي ناشر ينشر لي. في الوقت ده في ٣ سنين كتبت أول رواية ["سرداب طويل يجبرك سقفه على الانحناء"] فرحت بعتها في مسابقة سعاد الصباح في الكويت. فأنا بعت الرواية فيها فأخذت المركز الأول وجزء من الجائزة النشر.
ك: معروف في العالم العربي أنو صعب جدا يعيش الكاتب من نصوصو فقط، النصوص الأدبية يعني. طبعا في استثناءات زي صنع الله ابراهيم مثلا. فكيف إنت...؟
م: انا بالنسبالي شخصيا انا بأشتغل في الصحافة جمب الكتابة. مش ده اكتر حاجة حاببها يعني انا مش بالذات حابب ان أنا اعمل كدا يعني انا شايف ان الفكرة اننا يا ريت بشكل من الاشكال يكون عندي وقت للتفرغ الكامل للكتابة. لكن طبعا عشان فكرة ان الكتابة ما بتوفرش الحياة المادية المناسبة او يمكن ما فيهاس حياة مادية اصلا فأنا ضروري ان أنا أعمل حاجة قريبة فكانت اقرب حاجة مثلا الصحافة. دلوقتي أنا بأحاول اشوف حاجة أقرب شوية او مش فكرة أقرب بس تحقق لي نوع من التفرغ شوية. هو فكرة الكتابة للسينما مثلا.
انا في الأول كنت بأفكر انا لازم لما أكتب أكتب تحديدا ادب. لكن انا فكرت طب ادب اعملو ليه؟ عشان النص ده يوصل لعدد من القراء فيؤثر بهم بشكل من الاشكال. ف"سيدي براني" مثلا بيطبع ٣٠٠٠ نسخة لو هو عمل ٣ طبعات ٤ طبعات وده بيعتبر كويس بيبقى قرأها كام واحد مثلا حوالي ١٠٠٠٠. لكن انا لو عملت فيلم . مش لازم أعمل فيلم تجاري او فيلم أقل فنيا. فيلم يشوفو نص مليون يشوفو مليون يشوفو ملايين. فليه احصر نفسي في الأيطار الضيق ما دام قدامي الإيطار الواسع؟ بس في نفس الوقت مش معنى كدا ان انا مش حأكتب لا انا بأحب الكتابة وحأكتب أدب. لكن ليه ما يبقاش عندي وسائل مختلفة؟
كمان انا باستغرب من حاجة يعني أنا باستغرب من نظرة الكتاب أو الادباء لاللي بيكتب سينما. هما دايما مش عارف ليه يحطوهم في مرتبة اقل منهم. أنا مش باحترم كاتب بناء على النوع اللي بيكتبو انا باحترمو وبأقدرو بناء على مدى جودتو الفنية. لو حتى أي حد بيمارس أي حاجة وهو مطقن فيها وموهوب فيها أنا حأقدرو.
ك: طب نشاطاتك السياسية. نحن أصدقاء على الفيس بوك طبعا وانا لاحظت أنك كنت نشيط جدا في أيام الثورة. دور يمكن تشجيعي تحرضي.
م: بالضبط هو أنا قبل الثورة نفسها ب١٠ أيام تحديدا يوم أو تاني يوم بعد رحيل بن على من تونس، أنا عملت جروب على الفيس بوك يوم ١٥ يناير. في الوقت ده كان الموضوع خطير لان ما كانش في حد يعرف أن في ثورة وأنها تنجح وكدا.
ك: كان اسم الجروب أيه؟
م: اسمو "الثورة المصرية ٢٥ يناير في كل ميدان في مصر" فالجروب دوت أنا عملتو في وقت كان ممكن فورا أتحبس كان ممكن فورا يتم اعتقالي لانو عملتو في ١٥ يناير وما فيش أي حد متوقع حاجة زي كدا. حتى أنا لما عملتو كان رد الفعل من حتى اصدقائي المقربين هو السخرية، أه هو فكرة انت حتعمل ثورة؟ هو طب الثورة الساعة كام؟ هي الثورة فين؟ طب في حاجة اسمها ثورة حد يتفق عليها يقول يللا نعمل ثورة؟ هما كانوا متخيلين ان حاجة بالشكل ده ما تنفعش. بس نفع. لحد يوم ٢٥ يناير الساعة ٢ كانوا بيتريقوا عليا لأن كنا متفقين نتحرك الساعة ٢. ٢ ظهرا. كان يوم تلات. فأنا كنت قاعد وقتها في جريدة "اليوم السابع" قي المهندسين وأنا كاتب على الفيس بوك ان احنا كلنا حننزل الساعة ٢ الظهر فأنا كان وقتها موبالي فاصل شحن فأنا اضطريت أقعد لحد اتنين وتلت على أساس أشحنو شوية بحيث لو نزلنا مثلا حصلت اعتقالات ولا حاجة حأبقى محتاج موبايل. فاتنين وربع كل الناس كانت مجموعة حواليا وعاملين "امال فين الثورة؟" بس بعد شوية سمعنا هتافات عالية أمام جامع مصطفى محمود اللي هو انقلب بعد كدا لمؤيدين لحسني مبارك. فسمعنا هتاف بقى وكان في ألاف الناس ماشيين في الشارع فانزلنا كلنا مضمنين ليهم واتوجهنا للتحرير بعد كدا.
ك: طب على ذكر الفيس بوك وهذه الاشياء يعني في احساس انو الاعلام الغربي يركز اكثر من اللازم على هذه الوسائل. في رأيك هل كان حتحدث الثورة بدون الفيس بوك وما كان دور الفيس بوك مثلا وهذه "الجروبات" في رأيك؟
م: انا بالنسبالي شايف ان الفيس بوك مش المحرك بس الوسيلة، يعني احنا ازي بنجمع بعضنا يعني ممكن في أكثر من وسيلة ممكن عن طريق التلفونات ممكن عن طريق الإيميلات ممكن عن طريق الفيس بوك ممكن عن طريق تويتر ممكن عن طريق منشورات ممكن عن طريق الناس تقول لبعض يعني دي وسائل فكون وسيلة نجحت اكثر من وسيلة أو وسيلة تم استخدامها أكثر من وسيلة فأو كي هي نجحت وعملت ده بس هي تقديرنا ليها بيجي في إيطار فكرة ان هي وسيلة يعني الفيس بوك كدا مش كائن حي بيقول للناس تعمل كذا الفيس بوك كدا مكان للتواصل
ك: فاذا كان ممكن، صف لي الساعات التالية بعد اكتشاف هذه الهتافات من الشارع
م: بعد كدا احنا انزلنا ومشينا في شارع البطل عبد العزيز متجهين لميدان الدقي يعني ساعتها مش قادر اوصف لك الاحساس لأن احساس جسمك كلو بيقشعر من الرهبة ومن الموقف اللي انت عمرك ما كنت تتخيل ان يحصل ان انت ماشي في الشارع الشرطة اخلعت الشارع من كل السيارات فانت ماشي في الشارع كلو من الرصيف للرصيف عبارة عن موجة هائلة من البشر.
ك: كان في عنف؟
م: في يوم ٢٥ لحد الساعة ١٢ بالليل ما كانش في عنف لأنهم مش مستوعبين الفكرة. خططهم الامنية كان أنهم يجمعوا كل الناس في ميدان التحرير ويقفلوه عليهم فقعد يفتحوا لنا الطرق واحد ورا التاني لحد ما حطونا في ميدان التحرير وفعلا قفلوا علينا ممنوع حد يطلع. وهما كانوا متخيلين ان هما كدا بيحبسونا في الميدان وفي الوقت نفسو احنا اللي كنا عايزيين كدا احنا اللي شايفين قدامنا الميدان وعايزبن نحتلو لحد ما جت الساعة ١٢ بالليل أنا وبعض الأصدقاء دخلنا التواليت في مكدونالدز فكان قاعد مدير أمن القاهرة والقيادات الأمنية فاحنا رحنا قاعدين سمعناهم بيقولوا "كدا خلاص". بعديها على طول بخمس دقائق طلعنا برة ابتدأ الضرب في الميدان. دخلوا علينا بالقنابل المسيلة للدموع وخراطيم الماية والعصيان بتاعة الأمن المركزي ففرقونا فاتفرقنا وجينا في الشوارع المجاورة لميدان التحرير حيث هما دسوا في وسطينا مخبرين لابسين ملابس مدنية فالمخبرين وجهونا نايحة نفق شبرا وفي النفق لقيناهم عاملين كمين واقفين النفق من أولو ومن آخرو وبعد كدا خلونا في النص وانهالوا علينا بالضرب فخلص اليوم بالشكل دوت اللي هو يوم ٢٥
ك: روحتوا؟
م: هما فعلا قدروا يضربوا ناس ويفرقوهم. بس خلص ٢٥ على اتفاق ان احنا حننزل تاني يوم ٢٨ اللي هو جمعة الغضب.
ك: طب، احنا شفنا ده بس أيه اللي حصل بين يوم ٢٥ و٢٨ من التنظيمات والتنسيقات؟
م: من يوم ٢٥ ليوم ٢٨ كانت الناس في المناطق الشعبية بدأت تتحرك.
ك: عرفوا الزي؟ نزاوا ليه؟
م: نزلوا ليه بقى لان الاعلام بعد ما بقى خايف من الناس فبقى هو متخيل..هو بيقول على أساس يحظر الناس أو يخوف الناس فالاعلام الحكومي هو اللي عرف الناس ان في حاجة زي كدا لان هما عايزين يخوفوهم فعرفوهم. فالمناطق الشعبية هي بدأت تطلع في اليومين ٣ دول بس هو الاتفاق الكبير كان التجمع بعد صلاة الجمعة يوم ٢٨. فاتجمعنا بعد صلاة الجمعة يوم ٢٨. كان كل التجمعات بعد صلاة الجمعة في الجوامع الكبرى. أنا واصدقائي رحنا جامع في الدقي. فمشينا شارع التحرير كلو وجينا عند كبري الجلاء .كانت مجزرة ، أه عدد رهيب من قوات الأمن وبيضربوا ناس بشكل عنيف وعشوائي بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي ما كناش لسة واصلين للرصاص الحي .الرصاص الحي كان على كبري قصر النيل بس كانت حالة هيستيريا من العنف ومن الضرب لحد ما قدر بعض الأبطال من الثوار يعني أنهم يتغلبوا على الشرطة.
ك: وانت كنت على الكبري برضو؟
م: أه أه أه. بعد كدا بدأنا نتجاوز بقى لحد مشينا على كبري الجلاء وبعد كدا مشينا الشارع بتاع الاوبرا دوت اللي هو قبل كبري قصر النيل. كبري قصر النيل بقى اللي كانت عليه المذبحة الحقيقية.
ده اللي كان عليه الرصاص الحي وعليه الموت أنا كنت واقف على آخر الكبري وكنت تقريبا كل دقيقة بأشوف جثة خارجة أو حد مصاب خارج للدرجة ان عربيات الاسعاف كانت مثلا فيها عشرين مصاب فوق بعض في نفس العربية.
ك: طب أيه اللي خلاك تستمر يعني ... مشهد صعب
م: ما هو، في اللحظة دي ،في اللحظة دي تحديدا أنا لما شفت كل مناظر الدماء دي أنا خفت. خفت وتوقفت شوية. الناس كانت بتزحف للقدام بس اللي كانوا بيزحفوا هو خلاص مستعد للاستشهاد ومستعد للموت. أنا بطأت شوية لحد ما بدا أن المناوشة تخف شوية والطريق بدأ يفتح فرحنا كلنا رجعنا ننضم تاني. لكن ده كان اصعب موقف.
ك: يوم ٢٨ روحت من التحرير ولا اعتصمت؟
م: لا يوم ٢٨ الشرطة انسحبت والجيش نزل فأنا حسيت ومعظم الناس حاست ان خلاص كدا الوضع...احنا عملنا جزء كبير جدا من اللي احنا عايزينو. ففي بعض الناس كانت بتعتصم وبعض الناس كانت بتروح. أنا كنت معظم الاوقات بأروح مش بأعتصم يعني بأروح بس أنام وأصحى الصبح أروح. حتى يوم ٢٨ ما نمتش في بيتي لان أنا ما كانش في مواصلات ما كانش في حاجة البلد كانت خالية خالص فأنا نمت عند صديق ساكن قريب من الميدان وتاني يوم رحت أنزل تاني الصبح.
ك: وكان سهل دخول الميدان بعد كدا؟
م: أه بعد كدا خلاص كان سهل لأن ما بقاش في شرطة هو كان في بس الجيش بيأمم المتظاهرين
ك: ومسألة العلاقة يعني بين الجيش - طبعا الشعارات زي "الشعب والجيش أيد واحدة" والكلام ده جميلة، بس أكيد كان في لحظات توتر يعني ما حدش عارف موقف الجيش ولا...؟
م: يوم ٢٨ أول نزول للجيش كان في حتى هتافات معادية للجيش أول نزولو. في الأول فرحوا وبعد كدا ابتدت الناس قالت "الجيش مع الشرطة مش مع الشعب" فالناس كلها هاتفت ضد الجيش. بعد كدا الناس بدأت تفهم الفكرة أو الجيش بدأ يدرك الأمور فالجيش قاعد يؤكد للناس ان هو مع الشعب ومش ضد الشعب
ك: كيف؟ كيف أكد للناس؟
م: الرتب والقيادات الكبيرة كانت بتنزل تكلم على الهوى في الميدان نفسو. يعني يطلع رتبة كبيرة ويتكلم فواحدة واحدة والناس بدأت تشوف وتهدأ وتدي مساحة للتفكير فبدأنا نكتشف ان الجيش في الوقت ده ما كانش ضد الشعب يعني ما حصلش ضرب ما حصلش توجيه رصاص ما حصلش حاجة فكان واضح أن الموضوع أمن وأمان وكدا
ك: وبعد كدا حسيت أنو كان في دور معين للكتاب، غير الفيس بوك؟ حسيت أنو دورك المفروض يكون أيه؟
م: هو أنا دوري اللي كنت باستخدمها ساعتها كان عن طريق الفيس بوك وعن طريق أن أنا كنت بأكتب على موقع "اليوم السابع" الاليكتروني كنت بأكتب حاجات زي توجيهات قبل نزول المظاهرات. يعني أنا كنت مثبت حالي أن أنا بأكتب قبل نزول المظاهرات نعمل أيه يعني نحذر من أيه خلي بالنا من أيه نتجمع فين نعمل أيه فده كان من ضمن الحاجات اللي بيحصل لكن أعتقد أن صوت الكتاب والمثقفين وكدا في وقت الثورة كان خف تماما. أه ما كانش في وجود حقيقي ما كانش في حتى فكرة التحريض يعني اختفوا تماما كأنهم مش موجودين. يا اما حد موجود بجسمو يا اما ما فيش كتابة.
ك: ودور المؤسسات يعني مثلا دار ميريت بكونها قريبة من ميدان التحرير؟
م: دار ميريت كانت عاملة دور رائعة جدا. كانت الناس بتطلع تبات فيها بالليل كان أي حد عايز يجيب أكل للناس أو بطاطين عشان يباتوا أو أي حاجة فكانت زي بؤرة ارتكاز كدا لتوزيع الحاجات وللناس تتجمع تستريح شوية تأكل حاجة تشرب حاجة فكان دورها مهم جدا حتى احنا كنا مسميينها بشكل هزار كدا كنا مسميينها مطبخ قيادة الثورة.
ك: الاعلام الغربي كان بيصور يعني أنو تقريبا كثير من اللي موجودين في التحرير كان من أبناء الذوات وأنهم بيتكلموا الانجليزي بالطلاقة. قول لي يعني مين كان في التحرير؟
م: لا ده مش حقيقي. يمكن في يوم ٢٥ تحديدا اللي هو أول يوم بس في الثورة كانت الطبقة المتوسطة هي اللي مسيطرة على الموضوع... الطبقة اللي هي مش متواجدة وهي ضايعة في النص كدا فأبناء الطبقة المتوسطة هما اللي فكروا هما اللي خططوا هما اللي دعوا هما اللي نزلوا. ده يوم ٢٥. لكن بعد ٢٥ على طول ٢٦، ٢٧، ٢٨ ومابعدو الشعب كلو نزل...بكل شرايحو وطوايفو وكل حاجة...ستات، رجالة، كبار، أطفال، عواجيز، أغنياء، فقراء ...كل الفئات بكل الأطياف
ك: طب فإذا نظرنا الى التحرير كمجتمع مصغر يعني مثلا ...؟ كيف القوانين والمعاملات يعني كيف كان الوضع؟
م: يعني هو التحرير في الوقت اللي هو بتاع الاعتصام من أول ٢٨ لحد ١١ فبراير يوم رحيل مبارك وفي الفبترة اللي بعد كدا كان أشبه بيوتوبيا يعني هو مجتمع مثالي في كل حاجة... كل الأطيف اللي مثلا ممكن يبقى بينها اختلافات بينها تضاد في الأفكار بين كل حاجة تلاقي ده قاعد جمب ده ، ده بؤكل ده، ده بيشرب ده، ده نايم جمب ده، ما تقدرش تفرق بين حد وتاني. ما فيش تحرش ما فيش معاكسات ما فيش ألفاظ ما فيش شتيمة ما فيش....احنا مثلا طول الوقت بنشتكي من الشوارع في مصر مش نظيفة مش عارف أيه وبتاع .الميدان كان قمة في النظافة...أه فكرة أن احنا طول الوقت بنشتكي من العشوائية والفوضى في مصر. الميدان كان منظم على مستوى بدون اتفاق يعني الانسان المصري طلع أفضل ما فيه وأفضل ما فيه الانسان نفسو في الوقت ده. يعني كل الأمراض اللي احنا متخيلين هي موجودة فجأة اختفت
ك: أكيد صعب. بعد شيء جميل وقوي ... مشهد قوي أكيد في نوع من الحنين الى ما حدث في التحرير. هل عندك رغبة أو حنين الى الأيام التي قضيتها في التحرير مثلا
م: طبعا أه طبعا دي أجمل أيام حتبقى في حياة كل واحد من اشتركوا فيها فكل الوقت الواحد عندو حنين دوت وعلى فكرة هي ثورة مستمرة دلوقتي والناس خايفة على الثورة كدا. خايف على كل المنجزات ديت أن حد يسقرها منك خابف انو حد يرجعنا للوقت اللي احنا ما كناش عايزينو فالشعور ده هو اللي بيخليك خايف على الثورة كأنها ابنك مثلا وانت خايف عليه
ك: فما هي المجهود اللي بتبذلوه عشان تحاربوا الثورة المضادة مثلا ؟
م: والله أنا اعتقد أن الوقت اللي احنا فيه، الشغل فيه والنزول فيه والكلام عن الناس فيه والتواجد في الشارع يمكن أهم من الوقت اللي حصل في الاعتصام في التحرير أو كدا ،لكن أنا شايف أن احنا ما بنعملش ده بنفس الكفاءة وما بنعملش ده بنفس الاهتمام
ك: يعني لازم أكتر؟
م: أه لازم اكتر لأن القوة بتاعة الثورة المضادة أو القوة اللي كانت متحكمة في الفساد في الفترة اللي فاتت هي منظمة وقادرة تحشد ناس وكمان هما لسة معهم كتير جدا من الفلوس المنهوبة والمسروقة فهما بيصرفوا كل الفلوس وبيبذلوا كل جهودهم لإفشال الثورة
ك: خلينا نتكلم عن حرية التعبير
م: انت ما تقدرش تتكلم عن الجيش خالص يعني الموضوع مخيف أكتر من مبارك. مبارك كنت تقدر تنتقدو وفي جرائد بتطلع تنتقدو لكن انت دلوقتي لو بتنتقد الجيش عندك مشكلتين . المشكلة الأولانية من الجيش نفسو أن المحاكمة العسكرية والحاجات بالشكل ده. المشكلة التانية من الناس. لأن انت يعني الرأي العام في الشارع أن انت مجرد تتكلم عن الجيش يبقى خلاص انت كدا أيه؟ ضد...انت مع الفوضى وعايز البلد تبوظ
ك: احنا دايما بنتكلم عن النكسة، مثلا تأثير النكسة على الساحة الثقافية الأدبية. يعني هل الأحداث دي حيكون لها نفس التأثير على الميدان الثقافي
م: طبيعي. في طبيعة الحال. الحياة مختلفة فانت مش حتقدر تفضل ماشي بنفس الشكل القديم يعني الحياة اختلفت فانت لازم تتجاوب معها والا ستنقرض يعني اذا ما تمشيش مع الظروف المحيطة حتنقرض فهو بطبيعة الحال لازم تختلف..لكن حيختلف ازي؟ اللي أنا شايفو أن احنا مثلا نأخذ لنا كام سنة كدا مهتمين بفكرة الحاجات اللي بتصب على الثورة وتتكلم عن الثورة ما اعرفش أيه كنوع من الموضة لحد ما الموضوع يعدي شوية ونبدأ ننتبه للأدب الحقيقي تاني
ك: اذا كان كدا إزاي حترجع الى النص اللي كنت بتكتبو قبل الثورة ؟
م: لا، أنا بالنسبالي مش حادخل مثلا الثورة فيه مش حأعمل حاجة بالشكل ده لكن...أنا حاكملو لو حاكملو زي ما كان لأن الثورة مش داخلة فيه لأنو مش بيتكلم عن حاجة ليها علاقة بالوقت ده مثلا. هو بيتكلم عن شخصية معينه مش حتبقى الثورة في متلبسات حياتها
ك: فقصدك أنو الثورة مش حتغير كل حاجة في الساحة الثقافية الادبية؟
م: آه بالضبط. كمان اللي أنا عايز أقولو إن الأدب حاجة واسعة والثورة حاجة ضيقة فانا ضد إن إحنا نحاول ندخل حاجة كبيرة في حاجة صغيرة. طب ده نهر متسع ليه مندخلها في قناة. خلي بعض الماية تمشي في القناة لكن النهر ماشي في مسارو